الأربعاء، 12 أغسطس 2009

لكنّها .. رحلة العمر !

فتح حقيبته استعداداً للسفر ..
بدأ يحزم أمتعته ويرتبها بنظام دقيق .. على غير عادته!
وبعكس ما اقتضت العادة كذلك، وضع أمتعة لم يكن يضعها قبل اليوم .. وتنازل عن الكثير مما كان يعتقد أنه يسلّيه في سفره .. !
كلّ شيء غريب في هذه الرحلة .. !
/
\
يسألونه: متى الرحلة؟
يقول: بعد عشرة أيام ..
فيرى ابتسامة سخرية من أحدهم .. أو نظرة تعجب من آخر .. أو آخر يسأله بانبهار:
كلّ هذا الاستعداد .. لما سيكون بعد عشرة أيام؟ أنا لا أستعد إلا قبل الرحلة بيوم أو ربما ساعات!
لكنه يردد في نفسه: ولكنّها .. رحلة العمر !
/
\
يقضي وقته يتصفح الشبكة العنكبوتية بشغف .. يسأل عن كل تفاصيل الرحلة .. عن مدّتها .. عن متعتها .. عن راحتها .. وعن وعن وعن .. !
يساله الجميع: لماذا؟ فيجيب: إنها رحلة العمر!
/
\
لا يبرح مقعد المكتبة حتى ملّ المقعد منه وانزعج .. ولكنه ما ملّ .. فهو يقرأ .. عن رحلته المرتقبة !
لماذا؟ لأنها رحلة العمر!
/
\
ذهب يتفقد أمتعته للمرة العاشرة أو ربما أكثر .. كلّ شيء في مكانه .. كل شيء منظم .. لا يوجد ما ينقص؟
نعم!
فمصحفي في قلبي .. وأذكاري لا تفارق لساني .. وسجادتي مفروشة على أرضية غرفتي .. لا تفارقها!
ولم ينسَ جواز سفره المختوم بإرادة ورغبة جامحة للتوبة .. وقطرات العين التي صنعت من قلب يخشى الله ويتقيه، والذي لا يعمل إلا في الأسحار، يوم يكون الناس نيام .. !
/
\
وأهم هذا كله .. تذكرة سفر كُتبَ عليها:
الرحلة: إلى رمضان ..
المدة: شهر ..
الأجواء: روحانية لأبعد الحدود ..
البضائع: حسنات مضاعفة أضعافاً كثيرة ..
الأسعار: توبة صادقة وعمل صالح ..
/
\
طوى التذكرة ..
تأكد من أمتعته ..
ولم يزل ينتظر .. رحلته في رمضان !
/
\
لماذا؟ لأنها رحلة العمر .. إنها انطلاقة التوبة ..
إنها ميلاد جديد .. !

هناك تعليقان (2):

  1. ليُبارك قلمك!
    هي بحقٍ واحدة من أبهى ما قرأت عيناي :)

    رائعة أنتي يا مريم..! رائعة !

    ردحذف
  2. بهيّ هو مروركِ ..

    رائع هو تعقيبكِ ..


    وليس لروعتي أن تضاهي في الحسن روعتكِ ..

    دمتِ يا غالية ..

    =)

    ردحذف