الجمعة، 29 يناير 2010

قصـة / كم كنتُ طفلة (1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

قصـــة / كم كنتُ طفلة ..!



(1)


تحشرجَ صوته، وزاغ بصره، وتبدلّت حتى ملامحه،

ماذا يحدث لكَ يا أبي؟ أخبرني أنك بخير أرجوك!

تلعثمت الحروف في جوفه، وخرجت كإبر متقطعة،صغيرة، لكنّها حادة مؤلمة،

اخترقت شغاف القلب فبات منكسراً جريحاً:

"إنني أموت يا ابنتي!"



صرختُ بما بقيَ لدي من قوّة، بعد أن انهار كلّ ما فيني من طاقة،

وكأن أحدهم يسحب من دمي كلّما نزفت من جرح أبي قطرة!

" لا يمكن! كيف تموت وتتركني؟ أبي أنتَ تعلم كم أحبّك!

سأعيش بعدك وحيدة يتيمة! أنا أحتاجك، أحتاجك بشدّة!

ألم تفكّر بي عندما قذفتَ بنفسك بين براثن الموت،

وفرشت صدرك للرصاص ليخترقه وكأنكَ قد سئمتَ الحياة وأردتَ الموت!

لماذا يا أبي؟ لمّ فعلتَ هذا؟!"



ردّ بآخر أنفاسٍ بقيتْ في رئتيه: "ستفهمين يا ابنتي، ستفهمين عندما تكبرين!"

وفرّت من عينيه دمعة، أغمض جفنيه كأنه أراد أن يحبسها،

ثمّ تحركت شفتيه لتظهر على وجهه ابتسامة مريحة،تهلل وجهي وهتفت بفرح:

"أبي أتشعر بتحسّن؟"

لم يردّ! ولكنّه رفع سبابته، وكأنني لمحت حركة شفتيه يقول شيئاً كأنه:

"أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله"

وسكن كل شيء بعدهـا .. سكونَ الموت!



****



"أمي، لمَ يهنؤوننا الناس؟ إنهم فعلاً جامدي القلب، بلا مشاعر!

أيهنؤون طفلة ما زالت في العاشرة من عمرها، لأنها فقدت والدها،

وأصبحت ضمن قائمة اليتامى! إنني أتألم يا أمي،

وأنتم سعداء كأننا في حفل عرس! كم سئمتُ هذه الحياة!

سئمت رائحة الموت في كل مكان، سئمت يا أمي، سئمت!"

ربتت على كتفي بابتسامة حانية، رغم كل ما في عمق عينيها من ألم،

وقالت: "ستفهمين يا ابنتي، ستفهمين عندما تكبرين!"






يتبـــع ،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق